الحمد لله الذي أوجب محبة نبيه، وجعله داعيا إلى الله بإذنه، وسراجا منيرا لعباده، وفضله وآله على جميع خلقه.

وبعد فقد فكرت أن أقوم بهذا التأليف، منذ سنوات قد خلت، وجرأني على الإقدام على هذا العمل، تقادم العهد بالإحجام عن الكتابة في النسب النبوي .والطريقة التي انتهجتها في البحث والاستقصاء، هي أنني راسلت عمداء الأسر، المعروفة بانتهائها إلى الدوحة النبوية، وتنقلت عبر ربوع المملكة المغربية، فتجمعت لدي حجج ومستندات، واقتنيت عدة مراجع، واعتمدت على شهادات العلماء، والقضاء والعدول، وظهائر الملوك السعديين والعلويين، والأبحاث والتحقيقات التي كلف الملوك العظام، المولى أحمد المنصور الذهبي السعدي والمولى إسماعيل، وخليفته من بعده المولى عبد الله والمولى محمد بن عبد الله، الملوك الأشاوش العلويون الحسنيون، أقول: كلفوا رحمهم الله العلماء والنقباء والنزهاء بتقصي التحقيق في الأسر المنتمية للجانب النبوي، وأصدروا قائمة الأشراف المنحدرين من سيدنا الحسن والحسين ريحانتي فؤاد جدهم المصطفى صلى الله عليه وسلم ،وفلذتي كبدي الإمام المجاهد، علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وحرمه مولاتنا فاطمة البتول، رضي الله عنها.

ومن خيرة العلماء النقيب الشريف سيدنا سليمان العلمي الحوات الحسني الذي كان رحمه الله خبيرا بعلم الأنساب، فأصدر بأمر من الملك المولى سليمان عالم العلماء لائحة بمن صحت نسبتهم، سار على منوالها الملوك بعده إلى هذا العصر، عصر صاحب الجلالة الحسن بن المولى محمد، بن المولى يوسف، بن المولى الحسن الأول، قدس الله أرواحهم، وعلى رأسهم ملكنا الشهم الحسن الثاني .

وقد شجعني وأفادني في هذا المضمار، فضيلة الشريف المطلع سيدي محمد الغزواني الشفشاوني القاطن ببستان الشرفاء الشفشاونيين العلميين، الواقع بباب الحديد، من مدينة فاس، ذلك الجندي المجهول المتواضع والشاعر المبدع، الذي زودني بمعلومات هامة ومفيدة جزاه الله على عمله.

كما تلقيت مآت الأجوبة، استحسن باعثوها الفكرة، وعبروا لي عن تهانيهم ودعواتهم لي بالتوفيق والنجاح .

وضمن تلك الأجوبة، توجد المعلومات الوافية عن كل عائلة نبوية راسلتني في الموضوع،ومعها نسخ من ظهائر الملوك تثبت صحة النسب.

والشريعة السمحاء بحكم الكتاب والسنة، تفرض على المسلمين، محبة وتكريم آل البيت، لقوله تعالى:إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.

ولقوله عليه السلام:(أحبوني لحب الله ،وأحبوا أهل بيتي لحبي).

وخصصت الشريعة ذرية الرسول عليه السلام بصفات تنذر في غيرهم، فجعلت منهم مصابيح الهدى على مر العصور، وتلك شنشنتهم، وكيف لا؟ وهم ينبوع الحكمة لشرف محتدهم وطيبوبة أخلاقهم، وشجاعتهم، وصفاء قلوبهم بتجاوزهم عن المسيء.

وكل من لم تتوفر فيه هذه الصفات مشكوك في نسبه.

ولله ذر الإمام البوصيري رحمه الله،حيث قال:

ياأهل بيت رسول الله حبكم ** فرض من الله في القرآن أنزله

يكفيكم من عظيم المجد أنكم ** من لم يصل عليكم لا صلاة له

فهم بركة هذه الأمة، الكاشفون عنها من غياهب هذا الكون كل غمة، يدفع الله بمحبتهم كل بلاء، وهم أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء.

قال عليه الصلاة والسلام:(إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله ومحبته أهل بيتي، أمان لأمتي).

وقوله عليه الصلاة والسلام: "إياكم والصلاة البتراء،قالوا يارسول الله،وما هي الصلاة البتراء؟ قال:أن تصلوا علي دون آلي".

ومنذ فجر الإسلام، والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، يجلون أهل البيت ويبالغون في إكرامهم، وقد يشفعون في القاتل، فلا ترد شفاعتهم.

يتبع

نقلا عن كتاب : 

مصابيح البشرية في أبناء خير البرية

  تأليف أحمد الشيباني الإدريسي

موقع الشرفاء

-الحلقة الأولى-